Sunday, 30 April 2017

الدنيا مزرعة الاخرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي انار قلوب عباده بالإيمان وأصلى وأسلم عل من صلى وصام وطاف بالبيت الحرام ..

ملك سنة واحدة فقط وتحكم ..
منذ زمن طويل كانت هناك مدينة كبيرة وجميلة يحكمها ملك ، وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط ، وبعد ذلك يرسل الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس ملكا آخر غيره ، وهكذا أنهى أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية وأركبوه فيلا كبيرا وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعا ، وكانت هذه اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم على الملك وكذلك كان جميع من كان قبله ، ثم بعد ذلك وضعوه في السفينة التي قامت بنقله إلى الجزيرة البعيدة ليكمل فيها بقية عمره. 

ورجعت السفينة إلى المدينة وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شابا متعلقا بقطعة من الخشب عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم وطلبوا منه أن يكون ملكا عليهم مدة سنة واحدة ، ولكنه رفض في البداية ثم وافق بعد ذلك وأخبره الناس عن التعليمات والأنظمة والقوانين التي تسود هذه المدينة وأنه بعد مرور اثني عشر شهرا سوف يحمل إلى تلك الجزيرة البعيدة التي تركوا فيها ذلك الملك الأخير. 

بعد ثلاثة أيام من تولي الشاب للعرش في هذه المدينة سأل الوزراء هل يمكن أن يرى هذه الجزيرة حيث أرسل إليها جميع الملوك السابقين ووافق الوزراء وأخذوه إلى الجزيرة ورآها قد غطيت بالغابات الكثيفة ، وسمع أصوات الحيوانات المفترسة وهي تنطلق في أنحاء الجزيرة. 

نزل الملك إلى الجزيرة وهناك وجد بقايا جثث الملوك السابقين من العظام ملقاة على الأرض وفهم الملك القصة أن المقصود من ترك الملوك السابقين في الجزيرة أن تسارع الحيوانات المتوحشة إليهم فتقتلهم وتلتهمهم. 

عندئذ عاد الملك إلى مدينته وجمع مائة عامل من الشباب الأقوياء وأعطاهم السيوف والخناجر والسكاكين والسهام وأخذهم إلى الجزيرة وأمرهم بتنظيف الغابة وقتل الحيوانات المتوحشة واحدا واحدا وإزالة جثث الحيوانات وعظام ورفات الملوك السابقين وإزالة قطع الأشجار الصغيرة. 

وكان يزور الجزيرة مرة في الشهر ليشرف على سير العمل ، وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرور شهر واحد قتلت الحيوانات المتوحشة وأزيلت العديد من الأشجار الكثيفة والنخيل الميتة ، وعند مرورالشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماما. 

ثم أمر الملك العمال بزرع الورود والزهور والأشجار المثمرة والنخيل في جميع أنحاء الجزيرة ، وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والإوز والماعز والبقر.... وغيرها ، ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير من الطين والخشب ومرسى للسفن ، وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل جدا ، وقد كان الملك ذكيا فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل من المال على حياته في المدينة ، في مقابل أنه كان يكرس أمواله التي وهبت له في إعمار هذه الجزيرة. 

وبعد مرور تسعة أشهر جمع الملك الوزراء قائلا انه يعلم أن الذهاب إلى الجزيرة يتم بعد مرور اثني عشر شهرا من بداية حكمه ، ولكنه يود الذهاب إلى الجزيرة الآن ولكن الوزراء رفضوا قائلين :
(بحسب التعليمات والقوانين والأنظمة لا بد أن تنتظر ثلاثة شهور أخرى ، ثم بعد ذلك نأخذك إلى الجزيرة). 

مرت الشهور الثلاثة واكتملت السنة وجاء دور الملك لينتقل إلى الجزيرة فألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له :
(وداعا أيها الملك). 

ولكن الملك الشاب على غير عادة الملوك السابقين كان فرحا يضحك ويبتسم ، 
فسأله الناس عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون : عندما تولد طفلا في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون ، فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت ، وعندئذ سوف تضحك بينما جميع من حولك يبكون ، فبينما كان الملوك السابقون منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة الملك والحكم كنت أنا مشغولا بالتفكير في المستقبل وخططت لذلك وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام 

No comments:

Post a Comment